قوله تعالى:{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا} فيهم قولان: أحدهما: أن الذين اتبعوا هم السادة والرؤساء تبرؤوا ممن اتبعهم على الكفر , وهذا قول عطاء. والثاني: أنهم الشياطين تبرؤوا من الإنس , وهذا قول السدي. {وَرَأَوُا الْعَذَابَ} يعني به المتبوعين والتابعين. وفي رؤيتهم للعذاب وجهان محتملان: أحدهما: تيقنهم له عند المعاينة في الدنيا. والثاني: أن الأمر بعذابهم عند العرض والمساءلة في الآخرة. {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} فيه خمسة تأويلات: أحدها: أن الأسباب تواصلهم في الدنيا , وهو قول مجاهد وقتادة. والثاني: المنازل التي كانت لهم في الدنيا , وهو قول ابن عباس. والثالث: أنها الأرحام , وهو رواية ابن جريج عن ابن عباس. والرابع: أنها الأعمال التي كانوا يعملونها في الدنيا , وهو قول السدي. والخامس: أنها العهود والحلف الذي كان بينهم في الدنيا. {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مَنْهُم كَمَا تَبَرَّءُوا مَنَّا} يريد بذلك أن الأتباع قالوا للمتبوعين لو أن لنا كرة أي رجعة إلى الدنيا فنتبرأ منكم فيها كما تبرأتم منا في الآخرة. {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَلَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} يريد المتبوعين والأتباع , والحسرة شدة الندامة على محزون فائت. وفي {أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} وجهان: أحدهما: برهم الذي حبط بكفرهم , لأن الكافر لا يثاب مع كفره. والثاني: ما نقصت به أعمارهم في أعمال المعاصي أن لا تكون مصروفة إلى طاعة الله. {وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} يريد به أمرين: أحدهما: فوات الرجعة.