قوله:{كُلُوا مِن طَيِّبَتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ليدل على تخصيص التحريم من عموم الإباحة , فقال:{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} وهو ما فات روحه بغير ذكاة. {وَالدَّمَ} هو الجاري من الحيوان بذبح أو جرح. {وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ} فيه قولان: أحدهما: التحريم مقصور على لحمه دون غيره اقتصاراً على النص , وهذا قول داود بن علي. والثاني: أن التحريم عام في جملة الخنزير , والنص على اللحم تنبيه على جميعه لأنه معظمه , وهذا قول الجمهور. {وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ} يعني بقوله: {أُهِلَّ} أي ذبح وإنما سمي الذبح إهلالاً لأنهم كانوا إذا أرادوا ذبح ما قربوه لآلهتهم ذكروا عنده اسم آلهتهم وجهروا به أصواتهم , فسمي كل ذابح جَهَر بالتسمية أو لم يجهر مُهِلاً , كما سمي الإحرام إهلالاً لرفع أصواتهم عنده بالتلبية حتى صار اسماً له وإن لم يرفع عنده صوت. وفي قوله تعالى:{لِغَيْرِ اللهِ} تأويلان: أحدهما: ما ذبح لغير الله من الأصنام وهذا قول مجاهد وقتادة. والثاني: ما ذكر عليه اسم غير الله , وهو قول عطاء والربيع. {فَمَنِ اضَطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} اضطر افتُعل من الضرورة , وفيه قولان: أحدهما: معناه: فمن أكره على أكله فلا إثم عليه , وهو قول مجاهد. والثاني: فمن احتاج إلى أكله لضرورة دعته من خوف على نفس فلا إثم عليه , وهو قول الجمهور. وفي قوله:{غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} ثلاثة أقاويل: أحدها: غير باغ على الإمام ولا عاد على الأمة بإفساد شملهم , فيدخل الباغي على الإمام وأمته والعادي: قاطع الطريق , وهو معنى قول مجاهد وسعيد بن جبير.