الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} قوله تعالى:{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وَجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} الآية , فيها قولان: أحدهما: أن معناها ليس البر الصلاة وحدها , ولكن البر الإيمان مع أداء الفرائض التي فرضها الله , وهذا بعد الهجرة إلى المدينة واستقرار الفروض والحدود , وهذا قول ابن عباس ومجاهد. والثاني: أن المعنَّي بذلك اليهود والنصارى , لأن اليهود تتوجه إلى المغرب , والنصارى تتوجه إلى المشرق في الصلاة , ويرون ذلك هو البر , فأخبرهم الله عز وجل , أنه ليس هذا وحده هو البر , حتى يؤمنوا بالله ورسوله , ويفعلوا ما ذَكَرَ , وهذا قول قتادة , والربيع. وفي قوله تعالى:{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْءَامَنَ بِاللهِ} قولان: أحدهما: معناه ولكن ذا البر من آمن بالله. والثاني: معناه ولكن البرَّ بِرُّ مَنْ آمن بالله , يعني الإقرار بوحدانيته وتصديق رسله , حكاهما الزَّجَّاجُ. وقوله تعالى:{وَالْيَوْمِ الآخِرِ} يعني التصديق بالبعث والجزاء. {والْمَلَائِكَةِ} يعني فيما أُمِروا به , مِنْ كَتْبَ الأعمال , وتولي الجزاء. {وَالْكِتَابِ} يعني القرآن , وما تضمنه من استقبال الكعبة , وأن لا قبلة سواها. {وَالنَّبِيِّينَ} يعني التصديق بجميع الأنبياء , وأن لا يؤمنوا ببعضهم ويكفروا ببعض. {وَءَاتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ} يعني على حب المال. قال ابن مسعود: أن يكون صحيحاً شحيحاً يطيل الأمل ويخشى الفقر. وكان الشعبي يروي عن فاطمة بنت قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إِنَّ فِي المَالِ حَقاً سِوَى الزَّكَاةِ) وتلا هذه الآية