فقتل من الفريقين جماعة من رجال ونساء وعبيد فنزلت هذه الآية فيهم , فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دية الرجل قصاصاً بدية الرجل , ودية المرأة قصاصاً بدية المرأة , ودية العبد قصاصاً بدية العبد ثم أصلح بينهم. وهذا قول السدي وأبي مالك. والثالث: أن ذلك أمر من الله عز وجل بمقاصة دية القاتل المُقْتَص منه بدية المقتول المقتص له واستيفاء الفاضل بعد المقاصة , وهذا قول عليّ كان يقول في تأويل الآية: أيما حر قتل عبداً فهو به قود , فإن شاء موالي العبد أن يقتلوا الحر قتلوه وقاصّوهم بثمن العبد من دية الحر وأدوا إلى أولياء الحر بقية دِيته , وأيما عبد قتل حراً فهو به قود , فإن شاء أولياء الحر قتلوا العبد وقاصّوهم بثمن العبد وأخذوا بقية دية الحر , وأيما رجل قتل امرأة فهو بها قود , فإن شاء أولياء المرأة قتلوه , وأدوا بقية الدية إلى أولياء الرجل , وأيما امرأة قتلت رجلاً فهي به قود , فإن شاء أولياء الرجل قتلوها وأخذوا نصف الدية. والرابع: أن الله عز وجل فرض بهذه الآية في أول الإسلام أن يُقْتَلَ الرجل بالرجل , والمرأة بالمرأة والعبد بالعبد , ثم نَسَخَ ذلك قولُه في سورة المائدة {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة: ٤٥] وهذا قول ابن عباس. ثم قال تعالى:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإحْسَانٍ} فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: فمن عفي له عن القصاص منه فاتّباع بمعروف وهو أن يطلب الولي الدية بمعروف ويؤدي القاتلُ الدية بإحسان , وهذا قول ابن عباس ومجاهد. والثاني: أن معنى قوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} بمعنى فمن فضل له فضل وهذا تأويل من زعم أن الآية نزلت في فريقين كانا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل من كلا الفريقين قتلى فتقاصّا ديات القتلى بعضهم من بعض , فمن بقيت له