(دعيني لا أبا لك أن تطيقي ... لحاك الله قد أنزفت ريقي)
وقد يختلف هذا التأويل باختلاف القراءة , فقرأ حمزة والكسائي، ينزفون بكسر الزاي، وقرأ الباقون يُنزَفون بفتح الزاي، والفرق بينهما أن الفتح من نزف فهو منزوف إذا ذهب عقله بالسكر، والكسر من أنزف فهو منزوف إذا فنيت خمره , وإنما صرف الله تعالى السكر عن أهل الجنة لئلا ينقطع عنهم التذاذ نعيمهم. قوله عز وجل:{وعندهم قاصِراتُ الطّرفِ عينٌ} يعني بقاصرات الطرف النساء اللاتي قصرن أطرافهن على أزواجهن فلا يردن غيرهم مأخوذ من قولهم: قد اقتصر على كذا إذا اقتنع به وعدل عن غيره , قال امرؤ القيس:
(من القاصرات الطرف لو دب مُحولٌ ... من الذّرّ فوق الخد منها لأثّرا)
وفي العين وجهان: أحدهما: الحسان العيون , قاله مجاهد ومقاتل. الثاني: العظام الأعين , قاله الأخفش وقطرب. {كأنهن بيضٌ مكنون} فيه وجهان: أحدهما: يعني اللؤلؤ في صدفه , قاله ابن عباس , ومنه قول الشاعر:
(وهي بيضاء مثل لؤلؤة الغوا ... ص ميزت من جوهر مكنون)
الثاني: يعني البيض المعروف في قشره، والمكنون المصون. وفي تشبيههم بالبيض المكنون أربعة أوجه: أحدها: تشبيهاً ببيض النعام يُكنّ بالريش من الغبار والريح فهو أبيض إلى الصفرة، قاله الحسن. الثاني: تشبيهاً ببطن البيض إذا لم تمسه يد، قاله سعيد بن جبير.