تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه غزا هوازن بحنين , وثقيفاً بالطائف , وأرسل أبا العاص إلى أوطاس لحرب مَنْ بها من المشركين في بعض الأشهر الحرم , وكانت بيعة الرضوان على قتال قريش في ذي القعدة. وقوله تعالى:{وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ} أي يرجع , كما قال تعالى:{فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً}[الكهف: ٦٤] أي رجعا , ومن ذلك قيل: استرد فلان حقه. {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} أي بطلت , وأصل الحبوط الفساد , فقيل في الأعمال إذا بطلت حبطت لفسادها. قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَءَامَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ} الآية. وسبب نزولها أن قوماً من المسلمين قالوا في عبد الله بن جحش ومن معه: إن لم يكونوا أصابوا في سفرهم وزْراً فليس فيه أجر , فأنزل الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَءَامَنُواْ} يعني بالله ورسوله , {وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ} يعني عن مساكنة المشركين في أمصارهم , وبذلك سمي المهاجرون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرين لهجرهم دورهم ومنازلهم كراهة الذل من المشركين وسلطانهم , {وَجَاهَدُواْ} يعني قاتلوا , وأصل المجاهدة المفاعلة من قولهم جهد كذا إذا أكدّه وشق عليه , فإن كان الفعل من اثنين كل واحد منهما يكابد من صاحبه شدة ومشقة قيل فلان يجاهد فلاناً. وأما {فِي سَبِيلِ اللهِ} فطريق الله , وطريقه: دينه. فإن قيل: فكيف قال: {أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ} ورحمة الله للمؤمنين مستحقة؟ ففيه جوابان: أحدهما: أنهم لما لم يعلموا حالهم في المستقبل جاز أن يرجوا الرحمة خوفاً أن يحدث من مستقبل أمورهم مالا يستوجبونها معه. والجواب الثاني: أنهم إنما رجوا الرحمة لأنهم لم يتيقنوها بتأدية كل ما أوجبه الله تعالى عليهم.