ويحتمل وجهاً ثالثاً: وفي السماء تقدير رزقكم وما قسمه لكم مكتوب في أم الكتاب. وأما قوله {وَمَا تُوعَدُونَ} ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: من خير وشر , قاله مجاهد. الثاني: من جنة ونار , قاله الضحاك. الثالث: من أمر الساعة , قاله الربيع. {فَوَرَبِّ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} فيه وجهان: أحدهما: ما جاء به الرسول من دين وبلغه من رسالة. الثاني: ما عد الله عليهم في هذه السورة من آياته وذكره من عظاته. قال الحسن: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قَاتَلَ اللَّهُ أَقْوَاماً أَقْسَمَ لَهُمْ رَبُّهُمْ [بِنَفْسِهِ] ثُمَّ لَمْ يُصَدِّقُوهُ). وقد كان قس بن ساعدة في جاهليته ينبه بعقله على هذه العبر فاتعظ واعتبر , فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(رَأَيتُهُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ بِعُكَاظَ وَهُوَ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُواْ وَعُوا , مِنْ عَاشَ مَاتَ , وَمَن مَّاتَ فَاتَ , وَكُلُّ مَا هُوَاءَآتٍ ءآتٍ , مَا لِي أَرَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ فَلَا يَرْجِعُونَ؟ أَرَضُواْ بِالإِقَامَةِ فَأَقَامُواْ؟ أَمْ تُرِكُوا فَنَاموا؟ إِنَّ فِي السَّمَآءِ لَخَبَراً , وَإِنَّ فِي الأَرْضِ لَعِبَراً , سَقْفٌ مَرْفُوعٌ , وَلَيلٌ مَوضُوعٌ , وَبِحَارٌ تَثُورٌ , وَنُجُومٌ تَحُورُ ثُمَّ تَغُورُ , أُقْسِمُ بِاللَّهِ قَسَماً مَاءَاثَمُ فِيهِ , إِنَّ للهِ دِيناً هُوَ أَرْضَى مِن دِينٍ أَنتُم عَلَيهِ. ثُمَّ تَكَلَّمَ بِأَبْيَاتِ شِعْرٍ مَأ أَدْرِي مَا هِيَ) فقال أبو بكر: كنت حاضراً إذ ذاك والأبيات عندي وأنشد: