قوله تعالى:{وَلَا جُنَاحَ عَلَيكُم فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} أما التعريض , فهو الإشارة بالكلام إلى ما ليس فيه ذكر النكاح , وأما الخِطبة بالكسر فهي طلب النكاح , وأما الخُطبة بالضَّمِ فهي كلام يتضمن وعْظاً أو بلاغاً. والتعريض المباح في العدة أن يقول لها: ما عليك أَيْمة ولعل الله أن يسوق إليك خيراً , أو يقول: رُبَّ رجلٍ يَرْغب فيك , غلى ما جرى مجرى هذه الألفاظ. ثم قال تعالى:{أو أكننتم في أنفسكم} يعني ما أسررتموه من عقدة النكاح. ثم قال تعالى:{عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لَاّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً} في السر خمسة تأويلات: أحدها: أنه الزنى , وهو قول الحسن , وأبي مجلز , والسدي , والضحاك وقتادة. والثاني: ألا تأخذوا ميثاقهن وعهودهن في عِددهن ألا ينكحن غيركم , وهذا قول ابن عباس , وسعيد بن جبير , والشعبي. والثالث: ألا تنكحوهن في عِددهن سراً , وهو قول عبد الرحمن بن زيد. والرابع: أن يقول لها: لا تفوتني نفسك , وهو قول مجاهد. والخامس: الجماع , وهو قول الشافعي. ثم قال تعالى:{إلا أن تقولوا قولاً معروفاً} معناه: قولوا قولاً معروفاً , وهو التعريض. ثم قال تعالى:{وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحَ حَتَى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}. وفي الكلام حذف وتقديره: ولا تعزموا على عقدة النكاح , يعني التصريح بالخطبة. وفي {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} قولان: أحدهما: معناه فرض الكتاب أجله , يريد انقضاء العدّة , فحذف الفرض اكتفاء بما دل عليه الكلام. والثاني: أنه أراد بالكتاب الفرض تشبيهاً بكتاب.