للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{مُلئتْ حَرَساً شديداً} هم الملائكة الغلاظ الشداد. {وشُهُباً} جمع شهاب وهو انقضاض الكواكب المحرقة لهم عند استراق السمع , واختلف في انقضاضها في الجاهلية قبل مبعث الرسول الله صلى الله عليه وسلم على قولين: أحدهما: أنها كانت تنقض في الجاهلية , وإنما زادت بمبعث الرسول إنذاراً بحاله , قال أوس بن حجر , وهو جاهلي:

(فانقضّ كالدُّرِّيِّ يَتْبَعهُ ... نقعٌ يثورُ تخالُهُ طُنُباً)

وهذا قول الأكثرين. الثاني: أن الانقضاض لم يكن قبل المبعث وإنما أحدثه الله بعده , قال الجاحظ: وكل شعر روي فيه فهو مصنوع. {وأنّا كُنّا نَقْعُدُ منها مَقَاعِدَ للسّمْعِ} يعني أن مردة الجن كانوا يقعدون من السماء الدنيا مقاعد للسمع يستمعون من الملائكة أخبار السماء حتى يُلقوها إلى الكهنة فتجري على ألسنتهم , فحرسها اللَّه حين بعث رسوله بالشهب المحرقة , فقالت الجن حينئذٍ: {فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رَصَداً} يعني بالشهاب الكوكب المحرق , والرصد من الملائكة. أما الوحي فلم تكن الجن تقدر على سماعه , لأنهم كانوا مصروفين عنه من قبل. {وأنّا لا نَدْرِي أشَرٌ أُريدَ بمن في الأرضِ أمْ أرادَ بهم ربُّهم رَشَداً} فيه وجهان: أحدهما: أنهم لا يدرون هل بعث الله محمداً ليؤمنوا به ويكون ذلك منهم رشداً ولهم ثواباً , أم يكفروا به فيكون ذلك منهم شراً وعليهم عقاباً , وهذا معنى قول السدي وابن جريج. الثاني: أنهم لا يدرون حراسة السماء بالشهب هل شر وعذاب أم رشد وثواب، قاله ابن زيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>