قال عكرمة: فنافق الأربعة الآلاف إلا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً كعدة أهل بدر , وداود فيهم. {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُواْ اللهِ} وهم المؤمنون الباقون من الأربعة الآلاف. وفي الظن ها هنا قولان: أحدهما: أنه بمعنى اليقين , ومعناه الذين يستيقنون أنهم ملاقوا الله كما قال دريد بن الصُّمّة:
(فقلت لهم ظُنّوا بِأَلْفَيْ مُدَجج ... سَراتُهُمُ في الفارسيّ المسَرّدِ)
أي تيقنوا. والثاني: بمعنى الذين يظنون أنهم ملاقوا الله بالقتل في الوقعة. {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً} والفئة: الفرقة {بِإِذْنِ اللهِ} قال الحسن: بنصر الله , وذلك لأن الله إذا أذن في القتال نصر فيه على الوجه الذي وقع الإِذن فيه. {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} يعني بالنصرة والمعونة , وهذا تفسير الآية عند جمهور المفسرين. وذكر بعض من يتعاطى غوامض المعاني , أن هذه الآية مَثَلٌ ضَرَبَهُ الله للدنيا يشبهها بالنهر , والشارب منه بالمائل إليها والمستكثر منها , والتارك لشربه بالمنحرف عنها والزاهد فيها , والمغترف منه بيده بالآخذ منها قدر حاجته , وأحوال الثلاثة عند الله مختلفة.