{فَأَمَاتَهُ اللهُ مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ: كَمْ لَبِثْتَ} أي مكث. {قَالَ: لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} لأن الله تعالى أماته في أول النهار , وأحياه بعد مائة عام آخر النهار , فقال: يوماً , ثم التفت فرأى بقية الشمس فقال:{أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}. {قَالَ: بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} فيه تأويلان: أحدهما: معناه لم يتغير , من الماء الآسن وهو غير المتغير , قال ابن زيد: والفرق بين الآسن والآجن أن الآجن المتغير الذي يمكن شربه والآسن المتغير الذي لا يمكن شربه. والثاني: معناه لم تأتِ عليه السنون فيصير متغيراً , قاله أبو عبيد. قيل: إن طعامه كان عصيراً وتيناً وعنباً , فوجد العصير حلواً , ووجد التين والعنب طرياً جنيّاً. فإن قيل: فكيف علم أنه مات مائة عام ولم يتغير فيها طعامه؟ قيل: إنه رجع إلى حاله فعلم بالآثار والأخبار , وأنه شاهد أولاد أولاده شيوخاً , وكان قد خلف آباءهم مُرْداً أنه مات مائة عام. وروي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: أن عزيراً خرج من أهله وخلف امرأته حاملاً وله خمسون سنة , فأماته الله مائة عام , ثم بعثه فرجع إلى أهله , وهو ابن خمسين سنة , وله ولد هو ابن مائة سنة , فكان ابنه أكبر منه بخمسين سنة , وهو الذي جعله الله آية للناس. وفي قوله تعالى:{وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا} قراءتان: إحداهما: ننشرُها بالراء المهملة , قرأ بذلك ابن كثير ونافع وأبو عمرو , ومعناه نحييها. والنشور: الحياة بعد الموت , مأخوذ من نشر الثوب , لأن الميت