{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَآءٌ} يعني أنهم في الحال وبعد القتل بهذه الصفة , فأما في الجنة فحالهم في ذلك معلومة عند كافة المؤمنين , وليس يمتنع إحياؤهم في الحكمة. وقد روى ابن مسعود وجابر وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُم بِأُحدٍ جَعَلَ اللهُ أَرْوَاحَهُم فِي حَوَاصِلِ طَيْر خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهارَ الجَنَّةِ وَتَأْكُلُ مِن ثِمَارِها). وفي {أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ} تأويلان: أحدهما: أنهم بحيث لا يملك لهم أحد نفعاً ولا ضراً إلا ربُّهُم. والثاني: انهم أحياء عند ربهم من حيث يعلم أنهم أحياء دون الناس. {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِنْ خَلْفِهِمْ} فيه قولان: أحدهما: يقولون: إخواننا يقتلون كما قتلنا فيصيبون من كرامة الله ما أصبنا , وهو قول قتادة , وابن جريج. والثاني: أنه يؤتى الشهيد بكتاب فيه ذكر من يقدم عليه من إخوانه فيبشر بذلك فيستبشر كما يستبشر أهل الغائب في الدنيا بقدومه , وهذا قول السدي. {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوهُم} أما الناس في الموضعين وإن كان بلفظ الجمع فهو واحد لأنه تقدير الكلام جاء القول من قِبَل الناس , والذين قال لهم الناس هم المسلمون وفي الناس القائل قولان: