وحُكِيَ عن طاووس أنه يعود على الإِخوة دون الأب ليكون ما حجبوها عنه عائداً عليهم لا على غيرهم. وهذا خطأ من وجهين: أحدهما: أن الأب يُسقِط من أدلى به كالجد. والثاني: أن العصبة لا يتقدر لهم في الميراث فرض كالأبناء. فأما حجب الأم بالأخوين , فقد منع منه ابن عباس تمسكاً بظاهر الجمع في قوله تعالى:{فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} وخالفه سائر الصحابة مُحَجِّبُوا الأم بالأخوين فصاعداً , وإن لم تحجب بالأخ الواحد لأن لفظ الجمع لا يمنع أن يوضع موضع التثنية نحو قوله تعالى:{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}[التحريم: ٤] مع أن الاثنتين تقومان في الفرائض مقام الجمع الكامل , كالأخوات , وولد الأم. {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَآ أَوْ دَينٍ} فقدم الدين والوصية على الميراث , لأن الدين حق على الميت , والوصية حق له , وهما مقدمان على حق ورثته , ثم قدم الدين على الوصية وإن كان في التلاوة مؤخراً , لأن ما على الميت من حق أولى أن يكون مقدماً على ما له من حق. وقد روى ابن إسحاق عن الحارث الأعور عن علي عليه السلام قال: إنكم تقرؤون هذه الآية {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَآ أَوْ دَينٍ} وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية فإن قيل: فَلِمَ قدم ذكر الوصية على الدين إن كان في الحكم مؤخراً؟ قيل لأن {أَوْ} لا توجب الترتيب وإنما توجب إثبات أحد الشيئين مفرداً أو مصحوباً , فصار كأنه قال: من بعد أحدهما أو من بعدهما. {ءَابآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً} يعني في الدين أو الدنيا.