للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أنه أراد كمثل الذي أوقد , فدخلت السين زائدة في الكلام , وهو قول الأخفش. والثاني: أنه أراد استوقد مِنْ غيره ناراً للضياء , والنار مشتقة من النور. {فَلَمَّا أَضَآءَتْ مَا حَوْلَهُ} يقال ضاءت في نفسها , وأضاءت ما حولها قال أبو الطمحان:

(أَضَاءَتْ لَهُمْ أَحْسَابُهُمْ وَوُجُوهُهُمْ ... دُجَى الَّليْلِ حَتَّى نَظَّمَ الْجِزْعَ ثَاقِبُهْ)

قوله عز وجل: {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} فيه وجهان: أحدهما: نور المستوقِد , لأنه في معنى الجمع , وهذا قول الأخفش. والثاني: بنور المنافقين , لأن المثل مضروب فيهم , وهو قول الجمهور. وفي ذهاب نورهم وجهان: أحدهما: وهو قول الأصم ذهب الله بنورهم في الآخرة , حتى صار ذلك سمةً لهم يُعْرَفُونَ بها. والثاني: أنه عَنّى النور الذي أظهروه للنبي صلى الله عليه وسلم من قلوبهم بالإسلام. وفي قوله: {وَتَرَكَهُمْ في ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ} قولان: أحدهما: معناه لم يأتهم بضياء يبصرون به. والثاني: أنه لم يخرجهم منه , كما يقال تركته في الدار , إذا لم تَخرجْهُ منها , وكأنَّ ما حصلوا فيه من الظلمة بعد الضياء أسوأ حالاً , لأن من طُفِئَت عنه النار حتى صار في ظلمة , فهو أقل بصراً ممن لم يزل في الظلمة , وهذا مَثَل ضربه الله تعالى للمنافقين. وفيما كانوا فيه من الضياء , وجعلوا فيه من الظلمة قولان: أحدهما: أن ضياءهم دخولهم في الإسلام بعد كفرهم , والظلمة خروجهم منه بنفاقهم. والثاني: أن الضياء يعود للمنافقين بالدخول في جملة المسلمين , والظلمة زوالُهُ عنهم في الآخرة , وهذا قول ابنِ عباسٍ وقتادةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>