برجله في سيره كضربه بيده , ولذلك سُمِّيَ السفر في الأرض ضَرْباً. {فَلَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِن الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} اختلف في هذا القصر المشروط بالخوف على قولين: أحدهما: أنه قَصَرَ أركانها إذا خاف , مع استيفاء أعدادها فيصلي عند المسايفة والتحام القتال كيف أمكنه قائماً وقاعداً ومومياً , وهي مثل قوله:{فَإِنْ خِفْتُمْ فِرجَالاً أَوْ رُكْبَاناً}[البقرة: ٢٣٩] وهذا قول ابن عباس. والثاني: أنه قصر أعدادها من أربع إلى ما دونها , وفيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن هذا مشروط بالخوف من أربع إلى ركعتين , فإن كان آمناً مقيماً لم يقصر , وهذا قول سعد بن أبي وقاص , وداود بن علي. والثاني: أنه قَصْران , فقصر الأمَنْ , من الأربع إلى ركعتين , وقصر الخوف من ركعتين إلى ركعة , وهذا قول جابر بن عبد الله والحسن. وقد روى مجاهد عن ابن عباس قال: فرض الله عز وجل على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين , وفي الخوف ركعة. والثالث: أنه يقصر في سفر خائفاً وآمناً من أربع إلى ركعتين لا غير. روي عن أبي أيوب عن علي عليه السلام قال: سأل قوم من التجار رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول إنا نضرب في الأرض فكيف نصلي؟ فأنزل الله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِن الصَّلَاةِ} ثم انقطع الوحي , فلما كان بعد ذلك بحول غزا النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر , فقال المشركون: لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم هلاّ شددتم عليهم؟ فقال قائل منهم: إن لهم أُخرى مثلها في أثرها , فأنزل الله تعالى بين الصلاتين {إِن خِفْتُم أَن يَفْتِنَكُم الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُم عَدُوّاً مُبِيْناً} إلى قوله: {عَذَاباً مُّهِيناً} فنزلت صلاة الخوف.