واختلفوا في التخيير في الحكم بينهم , هل هو ثابت أو منسوخ؟ على قولين: أحدهما: أنه ثابت وأن كل حاكم من حكام المسلمين مخير فى الحكم بين أهل الذمة بين أن يحكم أو يدع , وهذا قول الشعبي , وقتادة , وعطاء , وإبراهيم. والقول الثاني: أن ذلك منسوخ , وأن الحكم بينهم واجب على من تحاكموا إليه من حكام المسلمين , وهذا قول ابن عباس , والحسن , ومجاهد , وعمر بن عبد العزيز , وعكرمة , وقد نسخه قوله تعالى:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ} قوله تعالى: {وَكَيفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ الْتَّورَاةُ فِيهَا حَكْمُ اللَّهِ} فيه قولان: أحدهما: حكم الله بالرجم. والثاني: حكم الله بالقود. {ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} فيه قولان: أحدهما: بعد حكم الله في التوراة. والثاني: بعد تحكيمك. {وَمَآ أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} فيه قولان: أحدهما: أي فى تحكيمك أنه من عند الله مع جحودهم نبوتك. والثاني: يعني فى توليهم عن حكم الله غير راضين به. قوله تعالى:{إِنَّآ أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ} يعني بالهدى ادليل. وبالنور البيان. {يَحْكُمْ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} فيهم قولان: أحدهما: أنهم جماعة أنبياء منهم محمد صلى الله عليه وسلم. والثاني: المراد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وحده وإن ذكر بلفظ الجمع.