بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون} قوله تعالى:{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ ... } وإنما ذكَّر الله عيسى عليه السلام نعمته عليه على والدته , وإن كان لهما ذاكراً لأمرين: أحدهما: ليتلو على الأمم ما خصه به من الكرامة ومَيّزَه به من علو المنزلة. والثاني: ليؤكد به حجته ويرد به جاحده. ثم أخذ تعالى في تعديد نعمه فقال:{إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} يعني قويتك , مأخوذ من الأيد وهو القوة , وروح القدس جبريل , والقدس هو الله تعالى تقدست أسماؤه. وتأييده له من وجهين: أحدهما: تقويته على أمر دينه. والثاني: معونته على دفع ظلم اليهود والكافرين له. {تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً} أما كلامه لهم في المهد إنما اختص بتعريفهم حال نبوته , {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِءَاتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيَّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكَاً أَيَنَمَا كُنتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَياً}[مريم: ٣٠ - ٣١]. وكلامه لهم كهلاً دعاؤهم إلى ما أمر الله به من الصلاة والزكاة , وذلك حين صار ابن ثلاثين سنة وإن كان مبعوثاً حين ولد , فمكث فيهم ثلاثين سنة ثم رفعه الله , ولم يبعث الله نبياً حين ولد غيره ولذلك خصه الله بالكلام في المهد صبياً. ثم قال تعالى:{وَإِذْ عَلَّمْتُك الكِتَابَ} وفيه تأويلان: أحدهما: يريد الخط. والثاني: يريد الكتب فعبر عنها بالكتاب إرادة للجنس. ثم فصل فقال تعالى:{وَالْحِكْمَةَ} وفيها تأويلان: أحدهما: أنها العلم بما في تلك الكتب.