للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أنهم أرادوا الأكل منها للحاجة الداعية إليها. والثاني: أنهم أرادوه تبركاً بها لا لحاجة دعتهم إليها , وهذا أشبه لأنهم لو احتاجوا لم ينهوا عن السؤال. {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا} يحتمل ثلاثة أوجه: أحدها: تطمئن إلى أن الله تعالى قد بعثك إلينا نبياً. والثاني: تطمئن إلى أن الله تعالى قد اختارنا لك أعواناً. والثالث: تطمئن إلى أن الله قد أجابنا إلى ما سألنا. {وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا} في أنك نبي إلينا , وذلك على الوجه الأول. وعلى الوجه الثاني: صدقتنا في أننا أعوان لك. وعلى الوجه الثالث: أن الله قد أجابنا إلى ما سألنا. وفي قولهم {وَنَعْلَمَ} وجهان: أحدهما: أنه علم مستحدث لهم بهذه الآية بعد أن لم يكن , وهذا قول من زعم أن السؤال كان قبل استحكام المعرفة. والثاني: أنهم استزادوا بذلك علماً إلى علمهم ويقيناً إلى يقينهم , وهذا قول من زعم أن السؤال كان بعد التصديق والمعرفة. {وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ} يحتمل وجهين. أحدهما: من الشاهدين لك عند الله بأنك قد أديت ما بعثك به إلينا. والثاني: من الشاهدين عند من يأتي من قومنا بما شاهدناه من الآيات الدالة على أنك نبي إليهم وإلينا. قوله تعالى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَآءِ} إنما زيدت الميم في آخر اللهم مثقلة عوضاً عن حرف النداء , فلم يجز أن يدخل عليه حرف النداء فلا يقال يا اللهم لأن الميم المُعَوِّضة منه أغنت عنه , فأما قول الشاعر:

(وما عليك أن تقولي كلما ... سبحت أو هللت يا اللهم)

(أردد علينا شيخنا مسلما ... فإننا من خيره لن نعْدَما)

فلأن ضرورة الشعر جوزته. سأل عيسى ربه , أن ينزل عليهم المائدة التي سألوه , وفي سؤاله وجهان: أحدهما: أنه تفضل عليهم بالسؤال , وهذا قول من زعم أن السؤال بعد استحكام المعرفة. والثاني: أنه رغبة منه إلى الله تعالى في إظهار صدقه لهم , وهذا قول من زعم أن السؤال قبل استحكام المعرفة. {تَكُونُ لَنَا عِيداً لأوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا} فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: نتخذ اليوم الذي أنزلت فيه عيداً نعظمه نحن ومن بعدنا قاله قتادة والسدي. وقيل: إن المائدة أنزلت عليهم في يوم الأحد غداة وعشية , ولذلك جعلوا الأحد عيداً. والثاني: معناه عائدة من الله تعالى علينا , وبرهاناً لنا ولمن بعدنا. والثالث: يعني نأكل منها جميعاً , أولنا وآخرنا , قاله ابن عباس. {وَءَايَةً مِّنكَ} يعني علامة الإِعجاز الدالة على توحيدك وقيل التي تدل على صدق أنبيائك.

<<  <  ج: ص:  >  >>