{ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ} أي لا يُمْهَلُون ولا يُؤَخَّرون , يعني عن عذاب الاستئصال. على التأويل الأول , وعن قيام الساعة على التأويل الثاني. {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً} يعني ولو جعلنا معه ملكاً يدل على صدقه لجعلناه في صورة رجل. وفي وجوب جعله رجلاً وجهان: أحدهما: لأن الملائكة أجسامهم رقيقة لا تُرَى , فاقتضى أن يُجْعَل رجلاً لكثافة جسمه حتى يرى. والثاني: أنهم لا يستطيعون أن يروا الملائكة على صورهم , وإذا كان في صورة الرجل لم يعلموا ملك هو أو غير ملك. {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَّا يَلْبِسُونَ} فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: معناه ولخلطنا عليهم ما يخلطون , قاله الكلبي. والثاني: لشبهنا عليهم ما يشبهون على أنفسهم , قال الزجاج: كما يشبهون على ضعفائهم واللبس في كلامهم هو الشك ومنه قول الخنساء:
(أصدق مقالته واحذر عداوته ... والبس عليه بشك مثل ما لبسا)
والثالث: وللبسنا على الملائكة من الثبات ما يلبسه الناس من ثيابهم , ليكونوا على صورهم وعلى زِيِّهم , قاله جويبر. قوله تعالى:{ ... كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} أي أوجبها ربكم على نفسه , وفيها أربعة أوجه: أحدها: أنها تعريض خلقه لما أمرهم به من عبادته التي تفضي بهم إلى جنته. والثاني: ما أراهم من الآيات الدالة على وجوب طاعته.