قيل: لأن الله أعان مَلَك الموت بأعوان من عنده يتولون ذلك بأمره , فصار التوفِّي من فعل أعوانه , وهو مضاف إليه لمكان أمره , كما يضاف إلى السلطان فعل أعوانه من قتل , أو جلد , إذا كان عن أمره. {وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} فيه وجهان: أحدهما: لا يؤخرون. الثاني: لا يُضَيِّعُونَ , قاله ابن عباس. قوله عز وجل:{ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُم الْحَقِّ} وفي متولِّي لرد قولان: أحدهما: أنهم الملائكة التي توفتهم. والثاني: أنه الله بالبعث والنشور. وفي ردهم إلى الله وجهان: أحدهما: معناه ردهم إلى تدبير الله وحده , لأن الله دبرهم عند خلقهم وإنشائهم , مكَّنهم من التصرف فصاروا في تدبير أنفسهم , ثم كَفَّهم عنه بالموت فصاروا في تدبير الله كالحالة الأولى , فصاروا بذلك مردودين إليه. والثاني: أنهم ردوا إلى الموضع الذي لا يملك الحكم عليهم فيه إلا الله , فجعل الرد إلى ذلك الموضع رداً إليه. فإن قيل: فكيف قال: {مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} وقد قال: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَءَامَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُم}[محمد: ١١]. قيل: عنه جوابان: أحدهما: أنه قال هذا لأنهم دخلوا في جملة غيرهم من المؤمنين المردودين فعمَّهم اللفظ. والثاني: أن المولى قد يعبر به عن الناصر تارة وعن السيد أخرى , والله لا يكون ناصراً للكافرين , وهو سيد الكافرين والمؤمنين.