ثم قال:{نُوراً وَهُدىً لِّلنَّاسِ} لأن المنزل من السماء لا يكون إلا نوراً وهدىً. ثم قال:{تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً} يعني أنهم يخفون ما في كتابهم من بنوة محمد صلى الله عليه وسلم , وصفته وصحة رسالته. قوله عز وجل:{وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلَنَاهُ مُبَارَكٌ} يعني القرآن , وفي {مُبارَكٌ} ثلاثة أوجه: أحدها: أنه العظيم البركة لما فيه من الاستشهاد به. والثاني: لما فيه من زيادة البيان لأن البركة هي الزيادة. والثالث: أن المبارك الثابت. {مُّصَدِقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} فيه قولان: أحدهما: الكتب التي قبله من التوراة , والإِنجيل , وغيرهما , قاله الحسن البصري. والثاني: النشأة الثانية , قاله علي بن عيسى. {وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى} يعني أهل أم القرى , فحذف ذكر الأهل إيجازاً كما قال:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢]. و {أُمَّ الْقُرَى} مكة وفي تسميتها بذلك أربعة أقاويل: - أحدها: لأنها مجتمع القرى , كما يجتمع الأولاد إلى الأم. والثاني: لأن أول بيت وضع بها , فكأن القرى نشأت عنها , قاله السدي. والثالث: لأنها معظمة كتعظيم الأم , قاله الزجاج. والرابع: لأن الناس يؤمونها من كل جانب , أي يقصدونها. ثم قال:{وَمَنْ حَوْلَهَا} قال ابن عباس: هم أهل الأرض كلها.