قلنا: هذا مستعل في العرف، فإن من نصح انساناً فلم يقبل منه حتى قتل أو صلب ومر به ناصحه فإنه يقول له: كم نصحتك يا أخى فلم تقبل حتى أصابك هذا، وفائدة هذا القول حث السامعين له على قبول النصيحة ممن ينصحهم لئلا يصيبهم ما أصاب المنصوح الذي لم يقبل النصيحة حتى هلك.
* * *
فإن قيل: لم قال شعيب عليه الصلاة والسلام لقومه: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا)
وهم ما زالوا كافرين مفدسين لا مصلحين؟
قلنا: معناه بعد أن أصلحها الله تعالى بالأمر بالعدل وارسال الرسل، وقيل: معناه بعد أن أصلح الله تعالى أهلها بحذف المضاف، وقيل:
معناه بعد الاصلاح فيها أي بعد ما أصلح فيها الصالحون من الأنبياء وأتباعهم العاملين بشرائعهم، فإضافته كإضافة قوله تعالى:(بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ)
يعنى بل مكرهم في الليل والنهار.
* * *
فإن قيل: كيف خاطبوا شعيباً عليه الصلاة والسلام بالعود في الكفر بقولهم: (لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا)