للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلنا: لما هدده اليهود بالقتل بشره بأنه إنما يقبض روحه بالوفاة لا بالقتل. والواو لا تفيد الترتيب ليلزم من الآية موته قبل رفعه.

الثانى: أن فيه تقديماً وتأخيراً تقديره أنى رافعك ومتوفيك.

الثالث: أن معناه قابضك من الأرض تاماً وافياً في أعضائك وجسدك لم ينالوا منك شيئاً، من قولهم: توفيت حقى على فلان إذا استوفيته تاماً. وافياً.

الرابع: أن معناه أنى متوفيك نفسك بالنوم من قوله تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا) .

ورافعك إلى وأنت نائم حى لا تخاف، بل تستيقظ وأنت في السماء آمن مقرب.

* * *

فإن قيل: كيف قال: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ) .

وآدم (خلق من التراب، وعيس من الهواء) ، وآدم خلق من غير أب وأم، وعيسى خلق من أم؟

قلنا: المراد به التشبيه في وجوده بغير واسطة، والتشبيه لا يقتضى المماثلة من جميع الوجوه بل من بعضها.

* * *

فإن قيل: كيف خص أهل الكتاب بأن منهم أميناً وخائناً بقوله: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) . .الآية

والمسلمون وغيرهم من أهل الملل كذلك منهم الأمين والخائن؟

قلنا: إنما خصهم باعتبار واقعة الحال، فإن سبب نزول الآية أن عبد الله بن سلام أودع ألفاً ومائتى أوقية من الذهب فأدى الأمانة فيها،

<<  <   >  >>