للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلنا: الترك نوعان: ترك بعد الملابسة ويسمى ترك انتقال، وترك قبل الملابسة ويسمى ترك إعراض كقوله تعالى في قصة موسى عليه الصلاة والسلام: (ويذرك وآلهتك) وموسى عليه الصلاة والسلام ما لابس في عبادة آلهه في وقت من الأوقات، وما نحن فيه من النوع الثانى، وسيأتى نظير هذا السؤال في سورة إبراهيم عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى: (أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا) .

* * *

فإن قيل: كيف قال تعالى: (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) فسر الأمر بالنهى أو بما جزاؤه بالنهى وهما ضدان؟

قلنا فيه إضمار أمر لآخر تقديره أمر أمراً اقتضى أن لا تعبدوا إلا إياه وهو قوله تعالى: (فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) فإنه باعتبار تقديم المفعول في معنى الحصر، كما في قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)

الثانى: أن فيه إضمار نهى تقديره أمر ونهى ثم فسرالأمرين بقوله: (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)

الثالث: أن قوله تعالى " ألا نعبدوا " وأن كان مضاد للأمر من حيث اللفظ فهو موافق له من حيث المعنى، فلم قلتم أن تفسير الشيء بما يضاده سورة ويوافقه معنى غير جائز، بيان موافقته معنى من وجهين أحدهما أن النهى عن الشيء أمر بضده، وعبادة الله تعالى ضد عبادة غير الله تعالى،

<<  <   >  >>