للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: ما معنى تكرار الحب في قوله عليه السلام: (أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) وما معنى تعديته بعن وظاهره، أحببت حباً مثل

حب الخير، كما تقول أحببت حب زيد، أي أحببت حباً مثل حب زيد؟

قلنا: أحببت في الآية بمعنى آثرت، كما يقول المخير بين الشيئين:

أحببت هذا، أي آثرته، وقد جاء أستحب بمعنى آثر قال الله تعالى: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى)

أى آثروه لأن من؟ أحب شيئاً فقد آثره على غيره، و" عن " بمعنى "على " كما في قوله تعالى: (مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) فيصير المعنى أي آثرت حب الخير على ذكر ربى

الثانى: وهو اختيار الجرجانى صاحب معانى القرآن أن أحببت بمعنى قعدت وتأخرت مأخوذ من أحب الجمل إذا برك، ومنه قول الشاعر:

دعتك إليها مقلتاها وجيدها. . . فملت كما مال المحب على عمد

فالمحب هنا الجمل، والعمد علة تكون في صنام الجمل. وكل من ترك شيئاً يحب أن يفعله فقد قعد عنه، فتأويل الآية: إنى قعدت عن ذكر ربى لحب الخير، فيكون انتصاب حب على أنه مفعول به.

* * *

فإن قيل: كيف قال سليمان عليه السلام: (وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي)

<<  <   >  >>