للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موقف يكلمهم، ونظيره قوله تعالى: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ)

وقوله: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ، الثانى: أن المراد أنه لا يكلمهم كلام إكرام بل كلام توبيخ وتقريع.

* * *

فإن قيل: قوله تعالى: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ... الآية) يدل على أنهم معترفون بأن الله تعالى هو الخالق والرازق والمدبر لجميع المخلوقات، فكيف يعترفون بذلك كله ثم يعبدون الأصنام؟

قلنا: كانوا في عبادة الأصنام يتأولون عبادة الله، فطائفة كانت تقول نحن لا نتأهل لعبادة الله تعالى بغير واسطة لعظمته وجلاله ونقصنا وحقارتنا، فجعلوا الأصنام وسائط، كما قالوا: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)

وطائفة كانت تقول نتخذ أصناماً على هيئة الملآئكة ونعبدها، لتشفع لنا الملآئكة عند الله، وطائفة

كانت تقول الأصنام قبلة لنا في عبادة الله، كما أن الكعبة قبلة في عبادته، وطائفة وهى الأكثر كانت تقول على كل صنم شيطان موكل به من عند الله تعالى، فمن عبد الصنم حق عبادته قضى الشيطان حوائجه على وفق مراده بأمر الله، ومن قصر في عبادة الصنم أصابه الشيطان بنكبة بأمر الله، فكل الطوائف من عبدة الأصنام كانوا يعتقدون بعبادتهم الأصنام عبادة الله والتقرب إليه، ولكن بطرق مختلفة

<<  <   >  >>