للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقدرة، وهو متحرك بإرادته في امتثال أمر الله تعالى كما يتحرك الإنسان.

* * *

فإن قيل: ما الفائدة في ذكر عدد السنين في قوله تعالى: (وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) مع أنه لو اقتصر على قوله: "لتعلموا الحساب " دخل فيه عدد السنين إذ هو من جملة الحساب؟

قلنا: العد كله موضع الحساب كبدن الإنسان موضوع الطب ادخال المكلفين وموضوع الفقه، وموضوع كل علم مغاير له وليس جزء منه، كبدن الإنسان ليس جزءا من الطب، ولا أفعال المكلفين جزءا من الفقه، فكذا العدد ليس جزءا من الحساب، وإنما ذكر عدد

السنين وقدمه على الحساب لأن المقصود الأصلى من محو آية الليل وجعل آية النهار مبصرة علم عدد الشهور والسنين، ثم يتفرع من ذلك علم حساب التاريخ وضرب المدد والآجال.

* * *

فإن قيل: كيف قال تعالى هنا: (كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) وقال في موضع آخر: (وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) ؟

قلنا: مواقف القيامة مختلفة، ففى موقف يكل الله تعالى حسابهم إلى أنفسهم وعلمه محيط به، وفى موضع يحاسبهم هو، وقيل: هو ألذى يحاسبهم لا غيره، وقال تعالى: (كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا)

أى يكفيك أنك شاهد على نفسك بذنوبها عالم بذلك، فهو توبيخ وتقربع لا أنه تفويض لحساب العبد إلى نفسه، وقيل: من يرد مناقشته في الحساب يحاسبه بنفسه، ومن يرد مسامحته فيه يكل

<<  <   >  >>