للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلنا: لما أنكروا الشرك بقولهم: (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ)

عاقبهم الله تعالى بإصمات ألسنتهم وأنطق جوارحهم، فقالوا عند معاينة آلهتهم: (هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا) أي قد أقررنا بعد الإنكار وصدقنا بعد الكذب طلباً للرحمة، وفراراً من الغضب، فكان هذا القول على وجه الاعتراف منهم بالذنب لا على وجه إعلام من لا يعلم، الثانى: أنهم لما عاينوا عظم الله تعالى وعقوبته قالوا: "ربنا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا " رجاء أن يلزم الله تعالى الأصنام ذنوبهم.

لأنهم كانوا يعتقدون لها العقل والتمييز فيخف عنهم العذاب.

* * *

فإن قيل: لم قالت الأصنام للمشركين: (إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ) وكانوا صادقين فيما قالوه؟

قلنا: إنما قالت لهم ذلك لتظهر فضيحتهم، وذلك أن الأصنام كانت جماداً لا تعرف من يعبدها، فلم تعلم أنهم عبدوها في الدنيا فظهرت فضيحتهم، حيث عبدوا من لا يعلم بعبادتهم، ونظير هذا قوله تعالى: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) .

* * *

فإن قيل: إذا كان القرآن تبياناً لكل شيء من أمور الدين فمن أين وقع بين الأمة في أحكام الشريعة هذا الخلاف الطويل العريض؟

قلنا: إنما وقع الخلاف بين الأمة لأن كل شيء يحتاج إليه من أمور

<<  <   >  >>