للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هامشه: وهو كذلك، فإن القائلين بجواز المزارعة حملوا روايات المنع على ذلك، ففي "الأوجز" (١) بعد ذكر روايات المنع: قال القاضي: ويشبه أن يقال في هذا: إن المعنى في ذلك قصد الرفق بالناس لكثرة وجود الأرض كما نهى عن بيع الماء، ووجه الشبه بينهما أنهما أصلًا الخلقة، انتهى.

وقال الحافظ (٢): المراد بالمواساة المشاركة في المال بغير مقابل، انتهى.

[(١٩ - باب كراء الأرض بالذهب والفضة. . .) إلخ]

كأنه أراد بهذه الترجمة الإشارة إلى أن النهي الوارد عن كراء الأرض محمول على ما إذا أكريت بشيء مجهول، وهو قول الجمهور، أو بشيء مما يخرج منها ولو كان معلومًا، وليس المراد النهي عن كرائها بالذهب أو الفضة، وبالغ ربيعة فقال: لا يجوز كراؤها إلا بالذهب أو الفضة، وخالف في ذلك طاوس وطائفة قليلة فقالوا: لا يجوز كراء الأرض مطلقًا، وذهب إليه ابن حزم واحتج له بالأحاديث المطلقة في ذلك، وحديث الباب دال على ما ذهب إليه الجمهور، وقد أطلق ابن المنذر أن الصحابة أجمعوا على جواز كراء الأرض بالذهب والفضة. ونقل ابن بطال (٣): اتفاق فقهاء الأمصار عليه، انتهى من "الفتح" (٤).

وقد تقدم الخلاف في المسألة في "باب المزارعة بالشطر ونحوه" ويمكن عندي أن يقال في غرض الترجمة: إن المصنف أشار إلى بيان أفضلية كراء الأرض، أي: المزارعة كما يشير إليه قول ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقد تقدم الخلاف في أفضل المكاسب في مبدأ "كتاب البجوع" من "باب كسب الرجل وعمله بيده".


(١) "أوجز المسالك" (٣/ ٤٦٢).
(٢) "فتح الباري" (٥/ ٢٣).
(٣) "شرح ابن بطال" (٦/ ٤٨٧).
(٤) "فتح الباري" (٥/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>