للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم: "نقركم ما شئنا"، قال: فيكون لصاحب النخل والأرض أن يخرج المساقي والمزارع من الأرض متى شاء، وفي ذلك دلالة على أن المزارعة تخالف الكراء، لا يجوز في الكراء أن يقول: أخرجك عن أرضي متى شئت، ولا خلاف بين أهل العلم أن الكراء في الدور والأرضين لا يجوز إلا وقتًا معلومًا.

قلت: لصحة المزارعة على قول من يجيزها شروط: منها بيان المدة بأن يقال: إلى سنة أو سنتين وما أشبهه، ولو بيَّن وقتًا لا يدرك الزرع فيها تفسد المزارعة، وكذا لو بيَّن مدة لا يعيش أحدهما إليها غالبًا تفسد أيضًا، وعن محمد بن سلمة: أن المزارعة تصح بلا بيان المدة، وتقع على زرع واحد، واختاره الفقيه أبو الليث، وبه قال أبو ثور، وعن أحمد: يجوز بلا بيان المدة؛ لأنها عقد جائز غير لازم، وعند أكثر الفقهاء: لازم إلى آخر ما بسط.

[(١٠ - باب)]

بغير ترجمة، قال الحافظ (١): كذا للجميع بغير ترجمة وهو بمنزلة الفصل من الباب السابق، وقد أورد فيه حديث ابن عباس في جواز أخذ أجرة الأرض، ووجه دخوله في الباب الذي قبله أنه لما جازت المزارعة على أن للعامل جزءًا معلومًا فجواز أخذ الأجرة المعينة عليها من باب الأولى، انتهى.

وقال القسطلاني (٢) تبعًا للعلامة العيني: ومناسبة الحديث للباب السابق من جهة أن فيه للعامل جزءًا معلومًا، وهنا لو ترك مالك الأرض هذا الجزء للعامل كان خيرًا له من أن يأخذه منه، وفيه جواز أخذ الأجرة لأن الأولوية لا تنافي الجواز، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٥/ ١٤).
(٢) "إرشاد الساري" (٥/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>