للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر هذا الكتاب ههنا، وهذا من دقة نظره كما هو دأبه في هذا الكتاب، وتوضيح ذلك أن العلماء من السلف والخلف اختلفوا في مصداق هذه الآية، والجمهور على أنها نزلت في قُطَّاع الطريق، وهم إخوة السرقة، ولذا عقبه بأبواب السرقة، ولكن ميل البخاري إلى أن نزولها في أهل الكفر والردة، فأجاد الإمام في ذكر مختاره باللفظ صريحًا "كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة" وذكره ههنا رعاية لقول الجمهور لكون قطاع الطريق من إخوان السارقين، وذكره بلفظ الكتاب بدل الباب، للفرق بين قطاع الطريق والسارقين، فإنه لو ذكره بلفظ الباب لتوهم دخوله في أبواب السرقة المتقدمة، انتهى من هامش "اللامع" (١).

وذكر فيه أيضًا اختلاف العلماء في تعيين من نزلت هذه الآية في حقهم بالبسط فارجع إليه لو شئت، وبسط منه في الجزء السادس من "الأوجز" (٢) فقد ذكر فيه أن في آية المحاربة ثلاثة مسائل: الأولى: أنه في الكفرة أو في المسلمين؟ الثانية: في تعريف المحارب، الثالثة: أن الأحكام الأربعة في الآية على التخيير أو التنويع.

[(١٦ - باب لم يحسم النبي - صلى الله عليه وسلم - المحاربين. . .) إلخ]

الحسم بفتح الحاء وسكون السين المهملتين: الكي بالنار لقطع الدم، وقال الداودي: الحسم هنا أن توضع اليد بعد القطع في زيت حار.

قلت: وهذا من صور الحسم، وليس محصورًا فيه، قال ابن بطال (٣): إنما ترك حسمهم لأنه أراد إهلاكهم، فأما من قطع في سرقة مثلًا فإنه يجب حسمه؛ لأنه لا يؤمن معه التلف غالبًا بنزف الدم، انتهى من "الفتح" (٤).


(١) "لامع الدراري" (١٠/ ١٥١ - ١٥٣).
(٢) "أوجز المسالك" (١٥/ ٤٤٤ - ٤٥٠).
(٣) "شرح ابن بطال" (٨/ ٤٢١، ٤٢٢).
(٤) "فتح الباري" (١٢/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>