للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محرمة أو لأن التماثيل شاغلة عن الحضور في الصلاة كما سبق في "باب من صلى في ثوب له أعلام" من حديث خميصة أبي جهم، وقال ابن بطال: لا تعارض بين البابين؛ لأن الأول كان بغير الاختيار، وما في هذا الباب كقول عمر: إنا لا ندخل كنائسكم، فإنما ذلك على الاختيار والاستحسان دون ضرورة تدعو إليه، انتهى.

قلت: وبهذا الأخير جمع بينهما جمع من الشرَّاح، والعجب من الحافظ (١) إذ تعقب على ابن التين بقوله: إن الاختيار وعدمه في ذلك سواء، وتقدم تعقب الشيخ قُدِّس سرُّه أيضًا على هذا الجواب، وأيضًا لو كان ما هناك بدون الاختيار، فكيف استدل به الإمام البخاري على جواز صلاة من صلَّى وقدامه تنور، فالأوجه عندي في الجواب ما بدأ به الكرماني كلامه وهو التفرقة بين التماثيل وغيرها، انتهى مختصرًا من هامش "اللامع" في باب الصلاة في البيعة.

[(٥٢ - باب كراهية الصلاة في المقابر)]

قال الحافظ (٢): كأن المصنف أشار إلى أن ما رواه أبو داود والترمذي في ذلك ليس على شرطه، وهو حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام"، واستنبط من قوله في الحديث: "ولا تتخذوها قبورًا" إن القبور ليست بمحل للعبادة فتكون الصلاة فيها مكروهة، انتهى.

قلت: واختلفوا في جواز الصلاة في المقبرة، فذهب أحمد إلى تحريم الصلاة في المقبرة ولم يفرق بين المنبوشة وغيرها، ولا بين أن يفرش عليها شيء أم لا؟ ولا بين أن تكون بين القبور أو في مكان منفرد عنها، وذهب أبو حنيفة إلى كراهة الصلاة في المقبرة، وفرق الشافعي بين المنبوشة


(١) انظر: "فتح الباري" (١/ ٥٢٨).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٥٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>