للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٩ - باب من قضى له بحق أخيه)]

قال الحافظ (١): أي: خصمه فهي أخوة بالمعنى الأعم وهو الجنس؛ لأن المسلم والذمي والمعاهد والمرتد في هذا الحكم سواء، انتهى.

قلت: وفي حديث الباب مسألة خلافية شهيرة وهي نفاذ قضاء القاضي ظاهرًا وباطنًا.

قال الحافظ (٢): والحديث حجة لمن أثبت أنه قد يحكم بالشيء في الظاهر، ويكون الأمر في الباطن بخلافه، ولا مانع من ذلك إذ لا يلزم منه محال عقلًا ولا نقلًا إلى آخر ما ذكر.

وفي هامش "اللامع" (٣): قال الزرقاني تحت قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أقطع له قطعةً من النار": فيه دلالة قوية لمذهب الأئمة الثلاثة، والجمهور أن الحكم فيما باطن الأمر فيه بخلاف الظاهر لا يحل الحرام ولا عكسه، فإذا شهد شاهدا زور لإنسان بمال فحكم به القاضي لظاهر العدالة لم يحل له ذلك المال، وقال أبو حنيفة بحل الحرام في العقود كنكاح وطلاق وبيع وشراء، فإذا ادعت امرأة على رجل أنه تزوجها وأقامت شاهدي زور حل له وطؤها، انتهى.

وفي "المحلى": احتج له بعضهم بما جاء عن علي - رضي الله عنه -: أن رجلًا خطب امرأة فأبت فادعى أنه تزوجها وأقام شاهدين فقالت المرأة: إنهما شهدا بالزور فزوجني أنت منه، فقال: شاهداك زوجاك، وأمضى عليهم النكاح، وتعقب بأنه لم يثبت، انتهى.

قلت: وحديث الباب ليس بواردٍ على الحنفية فإنه وارد في الأموال دون العقود والفسوخ، والحنفية قالوا: بنفاذه ظاهرًا وباطنًا في الإنشاءات والعقود، لا في الأملاك المرسلة، انتهى من هامش "اللامع" بزيادة.


(١) "فتح الباري" (١٣/ ١٧٢، ١٧٣).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ١٧٤).
(٣) "لامع الدراري" (١٠/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>