للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٠ - باب قول الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ. . .} [التوبة: ١٠٣]) إلخ

كذا للجمهور، ووقع في بعض النسخ زيادة: {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}، واتفقوا على أن المراد بالصلاة هنا الدعاء.

قوله: (ومن خص أخاه بالدعاء دون نفسه) في هذه الترجمة إشارة إلى ردِّ ما جاء عن ابن عمر أخرج ابن أبي شيبة والطبري من طريق سعيد بن يسار قال: "ذكرت رجلًا عند ابن عمر فترحمت عليه، فلهز في صدري وقال لي: ابدأ بنفسك"، وعن إبراهيم النخعي: "كان يقال: إذا دعوت فابدأ بنفسك فإنك لا تدري في أي دعاء يستجاب لك"، وأحاديث الباب ترد على ذلك، ثم قال: وأما ما أخرجه الترمذي من حديث أُبي بن كعب رفعه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ذكر أحدًا فدعا له بدأ بنفسه" وهو عند مسلم في أول قصة موسى والخضر ولفظه: "وكان إذا ذكر أحدًا من الأنبياء بدأ بنفسه"، ويؤيد هذا القيد أنه - صلى الله عليه وسلم - دعا لغير نبي فلم يبدأ بنفسه، ثم ذكر الحافظ أمثلته من قصة هاجر: "يرحم الله أم إسماعيل. . ." إلخ، وحديث أبي هريرة: "اللَّهم أيده بروح القدس" يريد حسان بن ثابت، وحديث ابن عباس: "اللَّهم فقهه في الدين" وغير ذلك من الأمثال، وقد دعا لبعض الأنبياء فلم يبدأ بنفسه كقوله: "يرحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد"، انتهى من "الفتح" (١) ملخصًا.

وأما الإمام النووي فقد فصل بين أنواع الأدعية، فقد أجاد ولله درّه، فقال في "شرح مسلم" (٢) تحت حديث خضر المتقدم. قال أصحابنا: فيه استحباب ابتداء الإنسان بنفسه في الدعاء وشبهه من أمور الآخرة، وأما حظوظ الدنيا فالأدب فيها الإيثار وتقديم غيره على نفسه، انتهى.


(١) "فتح الباري" (١١/ ١٣٦، ١٣٧).
(٢) "شرح النووي" (٨/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>