للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المهلب (١): ليس هذا النهي على التحريم بل على سبيل التواضع، ويدل على جواز التحريق فعل الصحابة، وقد حرق أبو بكر البغاة بالنار بحضرة الصحابة، وأكثر علماء المدينة يجيزون تحريق الحصون والمراكب على أهلها، ورد على قول المهلب ابن المنير، كما في "الفتح" (٢).

وقال ابن قدامة (٣): أما العدو إذا قدر عليه فلا يجوز تحريقه بالنار، بغير خلاف نعلمه، وقد كان أبو بكر رضي الله تعالى عنه يأمر بتحريق أهل الردة بالنار، وفعل ذلك خالد بن الوليد بأمره، فأما اليوم فلا أعلم فيه بين الناس خلافًا، ثم قال: وأما رميهم قبل أخذهم بالنار فإن أمكن أخذهم بدونها لم يجز رميهم بها؛ لأنهم في معنى المقدور عليه، وأما عند العجز عنهم بغيرها فجائز في قول أكثر أهل العلم، وبه قال الثوري والأوزاعي والشافعي، انتهى.

قلت: وإليه أشار الحافظ بقوله: "ومحله إذا لم يتعين التحريق. . ." إلخ، كما تقدم.

(١٥٠ - باب {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤]) إلخ

فيه حديث ثمامة. قال الحافظ (٤): كأنه يشير إلى حديث أبي هريرة في قصة إسلام ثمامة بن أثال، وستأتي موصولة مطولة في أواخر كتاب المغازي، والمقصود منها هنا قوله: "إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت"؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقره على ذلك، ولم ينكر عليه التقسيم، ثم منَّ عليه بعد ذلك. فكان في ذلك تقوية لقول الجمهور: إن الأمر في أسرى الكفرة من الرجال إلى الإمام، يفعل ما هو الأحظ للإسلام والمسلمين. وعن مالك: لا يجوز المنُّ بغير فداء. وعن الحنفية: لا يجوز المنُّ أصلًا لا بفداء ولا بغيره، انتهى مختصرًا.


(١) انظر: "شرح ابن بطال" (٥/ ١٧٢).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ١٥٠).
(٣) "المغني" (١٣/ ١٣٨).
(٤) "فتح الباري" (٦/ ١٥١ - ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>