للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الموطأ" أن لا فرق بين الدفن في الأرض المقدسة وغيرها، فدفعه المصنف بهذه الترجمة، انتهى.

قوله: "فلما جاءه صكه. . ." إلخ، هذا مشكل جدًا، والمشهور في الجواب أنه - عليه السلام - لم يعرفه.

والأوجه عندي: أن ذلك لانتظار فتح بيت المقدس وما كان ذلك منه كراهة لموته، انتهى من "تراجم شيخ المشايخ" الدهلوي.

وكتب الشيخ في "اللامع" (١) ما حاصله: يحتمل أنه لم يعرفه، ويمكن أنه عرفه، لكنه لما دخل بدون الاستئذان وقد جرت سُنَّة الله تعالى بأنبيائه أنهم لا يقبضون إلا بعد إذن منهم، فلما لم يستأذن الملك عد ذلك مخالفةً للقاعدة وإساءة للأدب، انتهى.

وبسط الكلام على ذلك في هامش "اللامع" من كلام الشرَّاح.

[(٦٩ - باب الدفن بالليل. . .) إلخ]

قال الحافظ (٢): أشار بهذه الترجمة إلى الرد على من منع ذلك محتجًا بحديث جابر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زجر أن يقبر الرجل ليلًا إلا أن يضطر إلى ذلك"، أخرجه ابن حبان، لكن بيَّن مسلم في روايته السبب في ذلك، ولفظه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب يومًا فذكر رجلًا من أصحابه قبض وكُفن في كفن غير طائل وقبر ليلًا، فزجر أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلي عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك، وقال: إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه"، فدل على أن النهي بسبب تحصيل الكفن، وقوله: "حتى يصلي عليه" مضبوط بكسر اللام، أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهذا سبب آخر يقتضي أنه إن رجا بتأخير الميت إلى الصباح صلاة من ترجى بركته عليه استحب تأخيره وإلا فلا، وبه جزم الطحاوي، واستدل المصنف بالجواز بما ذكره من حديث ابن عباس:


(١) "لامع الدراري" (٤/ ٣٦٧).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>