للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حنيفة ومالك، وهذا كله إذا لم يكن الجهاد فرض الوقت؛ لأن الكلام في الفضائل دون الفرائض، وقال أيضًا في موضع آخر (١): إن مالكًا وأبا حنيفة ذهبا إلى أن الاشتغال بالعلم خير من الاشتغال بالنوافل على عكس ما ذهب إليه الشافعي، وعن أحمد روايتان: إحداهما في فضل العلم، ولأخرى في فضل الجهاد، كما في "منهاج السُّنَّة"، انتهى.

قلت: وما حكى من مسلك الشافعية يخالفه ما في "المرقاة" (٢) عن "شرح السُّنَّة" عن الشافعي رحمه الله تعالى: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة، قال القاري: لأنه إما فرض عين أو فرض كفاية، وهما أفضل من النافلة، انتهى. وبسط الكلام في هامش "اللامع" (٣).

[(٢ - باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه. . .) إلخ]

كتب الشيخ في "اللامع" (٤) في الباب السابق: ثم إن الفضيلة المذكورة ههنا جزئية وهي كون المجاهد مشتغلًا فيما خرج لأجله ليله ونهاره في يقظته ورقدته حاضرًا أو لاهيًا، ولذلك كان له الأجر في كل ما يفعله هو أو أجيره أو دابته إلى غير ذلك، وليس تلك الفضيلة في سائر الطاعات غير الجهاد فإن المصلي والصائم يؤجران ما كانا في صلاتهما أو صومهما لا بعد، وإن كانت فضيلة الصلاة أو غيرها من الطاعات أزيد من فضل الجهاد في نفسها لا من تلك الحيثية، وعلى هذا فلا تنافي بين هذه الرواية والتي تقدمت من أفضل العمل الصلاة لوقتها، انتهى.

قال العلَّامة العيني (٥): واختلاف الأحاديث في أفضل الأعمال لاختلاف السائلين واختلاف مقاصدهم، أو باختلاف الوقت أو بالنسبة إلى بعض الأشياء، انتهى. وغير ذلك من وجوه الجمع.


(١) "فيض الباري" (١/ ٢٤٠).
(٢) "مرقاة المفاتيح" (١١/ ٤٦٩).
(٣) "لامع الدراري" (٧/ ٢٠٨ - ٢١٠).
(٤) "لامع الدراري" (٧/ ٢٠٨).
(٥) "عمدة القاري" (١٠/ ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>