للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الغد فأخبرته بذلك فقال: ما زدناك على عجوة وزبيب، وهذا من الخليطين، ثم ذكر توجيه الحديث نحو ما قال الشيخ قُدِّس سرُّه.

قوله: (وأن لا يجعل إدامين) أي: التمر والزبيب مثلًا فيكونان كالواحد فيكون تابعًا لما سبق، كذا قالوا.

والأوجه عندي: أنه تأسيس وحكم مستقل كما هو المعروف عن عمر - رضي الله عنه -، وقد تقدم نحوه في كلام الحافظ.

[(١١ - باب شرب اللبن)]

قال ابن المنيِّر: أطال التفنن في هذه الترجمة ليردّ قول من زعم أن اللبن يسكر كثيره، فردّ ذلك بالنصوص، وهو قول غير مستقيم؛ لأن اللبن لا يسكر بمجرده، وإنما يتفق فيه ذلك نادرًا بصفة تحدث، وقال غيره: قد زعم بعضهم أن اللبن إذا طال العهد به وتغيَّر صار يسكر، وهذا ربما يقع نادرًا إن ثبت وقوعه، ولا يلزم منه تأثيم شاربه، إلا إن علم أن عقله يذهب به فشربه لذلك، ثم ذكر الحافظ رواية عن "سنن سعيد بن منصور" من قول ابن عمر ما يؤيد اتخاذ الخمر باللبن، فارجع إليه لو شئت (١).

قلت: وعندي لا حاجة إلى هذه المباحث التي ذكرها الشرَّاح كما ترى ولا طائل تحتها، والظاهر أن المصنف - رحمه الله - بدأ من ههنا من أنواع الأشربة ما يحلّ بعد الفراغ عن بيان ما يحرم منها، ويؤيده التراجم الآتية، وتقدم أيضًا في أول الكتاب أن المصنف - رحمه الله - ذكر في "كتاب الأشربة" كلا النوعين: الحلال والحرام، والظاهر إنما شرع باللبن لكونه أشرف الأنواع، ويؤيده حديث الباب من حيث إنه عرض عليه - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء، وأشار بذكر الآية في الترجمة إلى أصل حلِّه حيث منَّ الله تعالى على عباده به، ويمكن أن يقال: إن الإمام البخاري أشار بذكر هذه الآية إلى ما عسى أن يتوهمه


(١) "فتح الباري" (١٠/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>