للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٩٢ - كتاب الفتن]

قال الحافظ - رحمه الله - (١): الفتن جمع فتنة، قال الراغب (٢): أصل الفَتْن: إدخال الذهب في النار لتظهر جودَتُه من رداءته، ويستعمل في إدخال الإنسان النار، ويطلق على العذاب، كقوله: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: ١٤]، وعلى الاختبار كقوله: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: ٤٠]، وفيما يدفع فيه الإنسان من شدة ورخاء، وفي الشدة أظهر معنى وأكثر استعمالًا، انتهى.

قال القسطلاني (٣): وهي المحنة والعذاب والشدة وكل مكروه والإثم والفضيحة والفجور والمصيبة وغيرها من المكروهات، فإن كانت من الله تعالى فهي على وجه الحكمة، وإن كانت من الإنسان بغير أمر الله فهي مذمومة، فقد ذمّ الله الإنسان بإيقاع الفتنة كقوله تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: ١٩١] {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ} [البروج: ١٠]، انتهى.

وفي "الفيض:" (٤) والفتنة ما يتميز بها المخلص من غير المخلص، وفي الحديث أن الأمة المحمدية تكثر فيها الفتن، ولم أزل أتفكر في مراده حتى تبين أن الأمم السابقة كان عذابهم الاستئصال، ولما قُدِّر بقاء تلك الأمة ولا بدَّ أن لا يزال يتميز الفاجر من الصالح قُدِّرَتْ فيها الفتن؛ لأنها هي التي يحصل بها التمييز، انتهى.

(١ - باب ما جاء في قول الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ} [الأنفال: ٢٥])

الترجمة مشتملة على جزئين: أحدهما هذا، والثاني قوله: "وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحذر من الفتن".


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٣).
(٢) "المفردات" (ص ٦٢٣).
(٣) "إرشاد الساري" (١٥/ ٣).
(٤) "فيض الباري" (٦/ ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>