للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: أو باعتبار المرأتين، فإن عائشة - رضي الله عنها - لكثرة صدقاتها لا تترك شيئًا في بيتها كما هو معروف من عادتها، والأوجه عندي في غرض المصنف بالترجمة دفع ما يتوهم من حديث عائشة المتقدم بلفظ: لم يكن لنا إلا ثوب واحد، أن اتخاذ الثياب للحيض خاصة إسراف، فدفعه الإمام البخاري بهذه الترجمة.

[(٢٣ - باب شهود الحائض العيدين. . .) إلخ]

غرض المؤلف بهذه الترجمة يحتمل عندي وجهين:

أحدهما: دفع ما يتوهم أنها إذا كانت ممنوعة عن الصلاة فلا فائدة في خروجها إلى المصلى، مع أن خروج المرأة عن بيتها شنيع.

والوجه الثاني: بيان أن المصلى ليس في حكم المسجد في منع دخول الحائض، وهو مذهب الجمهور خلافًا لما حكى بعضهم من عدم جواز دخولهن في المصلى؛ لأنه يشبه المسجد، كما في هامش "اللامع" (١) في "باب اعتزال الْحُيَّض المصلى" من كتاب العيدين، وسيأتي هناك أيضًا "باب خروج النساء والْحُيَّض إلى المصلى".

[(٢٤ - باب إذا حاضت في شهر. . .) إلخ]

كتب الشيخ في "اللامع" (٢): وهذا مبني على أنه لم يتحقق عند قائله أقل مدة الحيض والطهر، ومبنى الاستدلال بالرواية أنها مطلقة من ذكر المقدار، فلا ينبغي التقييد بشيء من الأيام، إلا أن الإمام لما تحققت له الرواية ذهب إلى أنهما مقدران شرعًا، ومعنى قوله: لقول الله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ} الآية [البقرة: ٢٢٨]، أن الكتمان لما كان حرامًا عليهن بهذه الآية كان حمل قولهن على الكذب حملًا لمقالة المسلم على الكذب، ولا يجوز ذلك، انتهى.


(١) "لامع الدراري" (٤/ ١٢٤).
(٢) "لامع الدراري" (٢/ ٢٧١، ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>