للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٤ - باب إذا عرض الذمي وغيره بسبّ النبي - صلى الله عليه وسلم -)

فسّر القسطلاني (١) الذمي باليهودي والنصراني، ثم قال: "وغيره" أي: غير الذمي كالمعاهد ومن يظهر إسلامه، "وعرّض" بتشديد الراء، أي: كنّى، ولم يصرح، انتهى.

قال الحافظ (٢) في ذكر مناسبة الحديث بالترجمة: واعترض بأن هذا اللفظ ليس فيه تعريض بالسبّ، والجواب أنه أطلق التعريض على ما يخالف التصريح، ولم يرد التعريض المصطلح، وهو أن يستعمل لفظًا في حقيقته يلوخ به إلى معنى آخر يقصده.

وقال ابن المنيِّر (٣): حديث الباب يطابق الترجمة بطريق الأولى؛ لأن الجرح أشدّ من السبّ، فكأن البخاري يختار مذهب الكوفيين في هذه المسألة. قال الحافظ: وفيه نظر؛ لأنه لم يبت الحكم، انتهى.

قال العيني (٤): والظاهر أن البخاري اختار مذهب الكوفيين، فإن عندهم من سبّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عابه فإن كان ذميًا عزر ولا يقتل، وهو قول الثوري، وقال أبو حنيفة: إن كان مسلمًا صار مرتدًا بذلك، وإن كان ذميًا لا ينتقض عهده، وقال الطحاوي: وقول اليهودي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: السام عليك، لو كان مثل هذا الدعاء من مسلم لصار به مرتدًّا يقتل، ولم يقتل الشارع الفاعل به من اليهود؛ لأن ما هم عليه من الشرك أعظم من سبّه، انتهى.

قلت: وحاصل ما سيأتي من مجموع المذاهب الأئمة الأربعة في مسألة الباب أن الذمي المذكور يقتل عند الجمهور، ولذا أوّلوا عدم قتله - صلى الله عليه وسلم - اليهود بقولهم: السام عليك، بوجوه من التأويلات، كما في الشروح،


(١) "إرشاد الساري" (١٤/ ٤٠٠).
(٢) "فتح الباري" (١٢/ ٢٨١).
(٣) "المتواري" (ص ٣٥٤).
(٤) "عمدة القاري" (١٦/ ٢٠٣، ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>