للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٨ - باب قول الله: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: ٢٤])

قد تقدم في "باب قول الله: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} [الأنعام: ٧٣] " أن الإمام البخاري ترجم بالخالق في ثلاثة مواضع، فهذا هو الباب الثاني.

والأوجه عندي: أن المقصود به هو إثبات صفة الخالق، كما يدل عليه حديث الباب، وفي "الفتح" (١): قال الطيبي: قيل: إن الألفاظ الثلاثة مترادفة، وهو وهم، ثم بسط في الفرق بينها، وفيه: قال ابن بطال: الخالق في هذا الباب يراد به المبدع المنشئ لأعيان المخلوقين، وهو معنى لا يشارك الله فيه أحد، قال: ولم يزل الله مسميًا نفسه خالقًا على معنى أنه سيخلق لاستحالة قدم الخلق، انتهى.

(١٩ - باب قول الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥])

غرض الترجمة إثبات اليدين له عزّ اسمه كما هو ظاهر.

قال الحافظ (٢): قال ابن بطال (٣): إثبات يدين لله تعالى، وهما صفتان من صفات ذاته وليستا بجارحتين، خلافًا للمشبهة من المثبتة، وللجهمية من المعطلة، ويكفي في الردّ على من زعم أنهما بمعنى القدرة، أنهم أجمعوا على أن له قدرة واحدةً في قول المثبتة، ولا قدرة له في قول النفاة؛ لأنهم يقولون: إنه قادر لذاته، ويدلّ على أن اليدين ليستا بمعنى القدرة، أن في قوله تعالى لإبليس: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥] إشارة إلى المعنى الذي أوجب السجود، فلو كان اليد بمعنى القدرة لم يكن بين آدم وإبليس فرق لتشاركهما فيما خلق كل منهما به وهي قدرته، ولقال


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٣٩١ - ٣٩٢).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ٣٩٣ - ٣٩٤).
(٣) "شرح ابن بطال" (١٠/ ٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>