للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه كيف استدل بقول هرقل وهو كافر بأنه صار حجة لتقرير عليه الصلاة والسلام؛ لأن الظاهر أن أبا سفيان حكاه بحضرته، انتهى.

وأجاب الحافظ (١): بأنه قاله عن استقراء كتب الأنبياء، وأيضًا قاله بلسانه الرومي، وعبَّر عنه أبو سفيان بلسانه العربي، وألقاه إلى ابن عباس - وهو من علماء اللسان - فرواه عنه ولم ينكره، فدل على أنه صحيح لفظًا ومعنى، انتهى.

[(٣٩ - باب فضل من استبرأ لدينه)]

أفاد شيخ الهند نوَّر الله مرقده أن المصنف خَوّف أولًا من الإصرار عن المعاصي، فترقَّى منه إلى درجة أخرى فوق الأولى، وهي الاحتراز عن المشتبهات لحفظ الدين مع ما فيه من إشارة لطيفة إلى أنه لا ينبغي أن يرتكب أحد المعاصي اعتمادًا على التوبة، انتهى.

وفي "اللامع" (٢): والاستبراء متفاوت فيتفاوت الإيمان.

وفي هامشه: قال الحافظ: (٣) كأن المصنف أراد أن يبين أن الورع من مكملات الإيمان، ولهذا أورد حديث الباب في أبواب الإيمان، إلى آخر ما فيه، ويحتمل أن المصنف أراد بذلك تعليم طريق الإحسان بأنه يحصل بمراعاة أحوال القلب والاحتراز عن الشبهات قاصدًا بذلك اتباع الدين لا كما يفعله من لا دين عنده من الجوكَية وغيرهم، ويكون الباب أيضًا كالتكملة لما تقدم، والله أعلم.

قوله: (ألا وهي القلب) قال القسطلاني (٤): وهو محل العقل عندنا، وهو قول جمهور المتكلمين خلافًا للحنفية، انتهى.

قلت: واختلف في محل العقل، فقال جمهور الفلاسفة ورئيسهم


(١) "فتح الباري" (١/ ١٢٦).
(٢) "لامع الدراري" (١/ ٦٠٧).
(٣) "فتح الباري" (١/ ١٢٦).
(٤) "إرشاد الساري" (١/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>