للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٧ - باب الاستسقاء في خطبة الجمعة. . .) إلخ]

كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (١): لما كان بعض ما يرد أولًا يرد ههنا أيضًا دفعه مع زيادة أنه لا يشترط له الاستقبال، وإن كان دعاء {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، فلما لم يكن الاستقبال داخلًا في الاستسقاء كيف يدخل فيه الصلاة وتحويل الرداء وغيرهما من الأمور، انتهى.

وقد عرفت قريبًا ما قال الحافظ في هذه التراجم الثلاثة، والأوجه عندي: أن الإمام البخاري أشار بهذه التراجم المختلفة إلى أنواع الاستسقاء، ففي "الأوجز" (٢) في مسلك الشافعية: لها ثلاث مراتب، أدناها الدعاء مطلقًا فُرادى ومجتمعين، وأوسطها الدعاء خلف الصلوات وخطبة الجمعة، وأعلاها يصلى بهم ركعتين، أي: على الهيئة المخصوصة المتقدمة في أول أبواب الاستسقاء.

وهكذا في مسلك الحنابلة، ففي "المغني" (٣): قال القاضي: الاستسقاء ثلاثة أضرب، ثم ذكر نحو ما تقدم، ولا يبعد عندي أن الإمام قيد الترجمة بقوله: غير مستقبل القبلة دفعًا لما يتوهم من روايات استقبال القبلة في دعاء الاستسقاء أنه - صلى الله عليه وسلم - استقبلها ههنا أيضًا، فدفعه بذلك من أن الاستقبال لا يكون في خطبة الجمعة، انتهى من هامش "اللامع".

قوله: (إن رجلًا دخل المسجد. . .) إلخ، وأورد صاحب "التيسير" بأنه عليه الصلاة والسلام مع كمال رأفته وشفقته على الناس لم يبتدئ بالاستسقاء، وأيضًا لم يستدع له أحد من أهل المدينة، حتى جاء رجل من أهل البادية. وأجاب بأنه - عليه السلام -، وكذلك أهل المدينة ببركة صحبته كانوا في حالة الرضاء والتوكل على أقصى مراتبه، وأهل البادية لم يبلغوا إلى هذه المرتبة، فألحُّوا للاستسقاء، انتهى معربًا.


(١) "لامع الدراري" (٤/ ١٧٦).
(٢) "أوجز المسالك" (٤/ ١٢٧).
(٣) "المغني" (٣/ ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>