للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا قال غيره من شرَّاح البخاري أن المقصود بيان الجواز، ولعلهم اقتصروا على الجواز ولم يقولوا بالاستحباب نظرًا إلى ترجمة المصنف، فإنه ترجم بلفظ الاستفهام المشير إلى التردد، وإلا فغيرهم من شرَّاح الحديث وكذا الفقهاء صرَّحوا باستحباب التلقين، ففي "الهداية" (١): ويستحب للإمام أن يلقن المقر الرجوع، فيقول له: لعلك لمست أو قبلت لقوله - عليه السلام - لماعز: "لعلك لمستها أو قبلتها"، انتهى.

قال النووي في "شرح مسلم" (٢) في فوائد الحديث: وفيه استحباب تلقين المقر بحد الزنا والسرقة وغيرهما من حدود الله تعالى، وأنه يقبل رجوعه؛ لأن الحدود مبنية على المساهلة والدرء بخلاف حقوق الآدميين وحقوق الله تعالى المالية كالزكاة والكفارة وغيرهما، فإنه لا يجوز التلقين فيها، ولو رجع لم يقبل رجوعه، وقد جاء تلقين الرجوع عن الإقرار بالحدود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، واتفق العلماء عليه، انتهى.

وعلى هذا فيشكل إتيان المصنف بلفظة "هل"، ولعله إنما أوردها إِشارةً إلى الخلاف فيه كما تقدم عن الحافظ وإن كان شاذًّا.

[(٢٩ - باب سؤال الإمام المقر هل أحصنت)]

لأن الإحصان شرط الرجم، وهو أن يتزوج امرأة ويدخل بها، ومطابقة الحديث بالترجمة ظاهرة، قاله العيني (٣).

وقال الحافظ (٤): قال ابن التِّين: محل مشروعية هذا السؤال إذا كان لم يعلم أنه تزوج تزويجًا صحيحًا ودخل بها، فأما إذا علم إِحصانه فلا يسأل عن ذلك، ثم حكى عن المالكية تفصيلًا في ذلك، إلى آخر ما في "الفتح".


(١) "الهداية" (١/ ٣٤٠).
(٢) "شرح صحيح مسلم" للنووي (٦/ ٢١٦).
(٣) "عمدة القاري" (١٦/ ٩٨).
(٤) "فتح الباري" (١٢/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>