للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٦٦ - باب ما يذكر في الشيب)]

أي: هل يخضب أو يترك، قاله الحافظ (١).

وقال العيني (٢): الشيب بياض الرأس عن الأصمعي وغيره، وقال الجوهري: الشيب والمشيب واحد، والأشيب المبيض الرأس، وقال في شرح الحديث: اختلف في خضابه - صلى الله عليه وسلم -، فمنعه الأكثرون منهم أنس، وأثبته بعضهم لحديث أم سلمة وابن عمر: "أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصبغ بالصفرة"، وجمع بينهما بأن ذلك كان طيبًا فظنّه من رآه صبغًا، انتهى.

قال الحافظ (٣) بعد ما بسط شيئًا من الكلام على هذا الاختلاف: وقد أنكر أحمد إنكار أنس أنه خضب، وذكر حديث ابن عمر: "أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يخضب بالصفرة" وهو في الصحيح، ووافق مالك أنسًا في إنكار الخضاب وتأوّل ما ورد في ذلك، انتهى.

وقال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (٤): فإن قيل: قد ثبت في "الصحيح" عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: "لم يختضب النبي - صلى الله عليه وسلم -" قيل: قد أجاب أحمد بن حنبل عن هذا وقال: قد شهد به غير أنس على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خضب، وليس من شهد بمنزلة من لم يشهد، فأحمد أثبت خضاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه جماعة من المحدثين ومالك أنكره، انتهى.

قلت: هكذا حمل الشرَّاح هذه الترجمة على أن المراد به الخضاب وتركه، لكن فيه أن الترجمة الآتية صريح في حكم الخضاب، فحينئذٍ يلزم التكرار، فالأوجه عند هذا العبد الضعيف: أن المقصود بالترجمة الآتية بيان حكم الخضاب على ما هو صريح مدلول الترجمة، وأما القصد من هذا الباب فليس إلى خصوص الخضاب بل إلى ما ورد من الروايات في الشيب من فضله والمنع عن نتفه ونحو ذلك، لكن لما لم تكن هذه الروايات على


(١) "فتح الباري" (١٠/ ٣٥٢).
(٢) "عمدة القاري" (١٥/ ٩٢، ٩٣).
(٣) "فتح الباري" (٦/ ٥٧٢).
(٤) "زاد المعاد" (٤/ ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>