للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١١ - باب شهاة الأعمى وأمره ونكاحه. . .) إلخ]

قال الحافظ (١): مال المصنف إلى إجازة شهادة الأعمى، فأشار إلى الاستدلال لذلك بما ذكر من جواز نكاحه ومبايعته وقبول تأذينه، وهو قول مالك والليث، سواء علم ذلك قبل العمى أو بعده، وفصل الجمهور فأجازوا ما تحمله قبل العمى لا بعده، وكذا ما يتنزل فيه منزلة المبصر؛ كأن يشهده شخص بشيء ويتعلق هو به إلى أن يشهد به عليه، وعن الحكم: يجوز في الشيء اليسير دون الكثير، وقال أبو حنيفة ومحمد: لا تجوز شهادته بحال إلا في ما طريقه الاستفاضة، وليس في جميع ما استدل به المصنف دفع للمذهب المفصل إذ لا مانع من حمل المطلق على المقيد، انتهى.

وفي "الهداية" (٢): لا تقبل شهاة الأعمى، وقال زفر - وهو رواية عن أبي حنيفة -: تقبل فيما يجري فيه التسامع، وقال أبو يوسف والشافعي: يجوز إذا كان بصيرًا وقت التحمل، انتهى مختصرًا.

قال الموفق (٣): تجوز شهادة الأعمى إذا تيقن الصوت، وبه قال مالك. وقال أبو حنيفة والشافعي: لا تقبل شهادته؛ وأجاز الشافعي شهادته بالاستفاضة والترجمة، وإذا أقر عند أذنه ويد الأعمى على رأسه، ثم ضبطه حتى حضر عند الحاكم، فشهد عليه، ولم يجزها في غير ذلك؛ لأن الأصوات تشتبه فلا يحصل اليقين. . .، إلى آخر ما بسطه.

وكتب الشيخ في "اللامع" (٤): الترجمة مبنية على عدم الفرق بين الشهادة والإخبار أو على قياس أحدهما على الآخر، والجامع بناء كل منهما على العلم بالواقعة، وأنت تعلم أن في الشهادة زيادة تأكد على الإخبار، فلذلك لم نجوِّز شهادته وإن قبل إخباره، والجواب عن كل


(١) "فتح الباري" (٥/ ٢٦٤).
(٢) "الهداية" (٥/ ٤٣٤ - ٤٣٥).
(٣) "المغني" (١٤/ ١٧٨ - ١٧٩).
(٤) "لامع الدراري" (٧/ ٨٢ - ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>