للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحوه ما قال العلامة العيني (١) بدون العزو إلى ابن بطال حيث قال: وغرض البخاري في هذا الباب الردّ على المعتزلة في قولهم: إن أمر الله الذي هو كلامه مخلوق، وأن وصفه تعالى نفسه بالأمر وبالقول في هذه الآية مجاز واتساع كما في "امتلأ الحوض" و"مال الحائط"، وهذا الذي قالوه فاسد؛ لأنه عدول عن ظاهر الآية، وحملها على حقيقتها إثبات كونه تعالى حيًّا، والحيُّ لا يستحيل أن يكون متكلمًا، انتهى.

(٣٠ - باب قول الله: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي. . .} [الكهف: ١٠٩]) إلخ

قال العلامة العيني (٢): ومعنى هذا الباب إثبات الكلام لله تعالى صفة لذاته ولم يزل متكلمًا، ولا يزال كمعنى الباب الذي قبله، وإن كان وصف الله كلامه بأنه كلمات فإنه شيء واحد لا يتجزأ ولا ينقسم، وكذلك يعبر عنه بعبارات مختلفة تارة عربية وتارة سريانية وبجميع الألسنة التي أنزلها الله على أنبيائه، وجعلها عبارةً عن كلامه القديم الذي لا يشبه كلام المخلوقين، ولو كانت كلماته مخلوقة لنفدت كما تنفد البحار والأشجار وجميع المحدثات فكما لا يحاط بوصفه تعالى كذلك لا يحاط بكلماته وجميع صفاته، انتهى.

قال الكرماني (٣): المقصود من هذه الأبواب إثبات أن الله تعالى متكلم بالكلام، انتهى.

قلت: ومن عادة الإمام البخاري أنه طالما يترجم لإثبات أمر مهم بتراجم عديدة، كما تقدّم في مقدمة "اللامع" (٤) في بيان أصول التراجم، وهو الأصل الثامن والعشرون، وله نظائر ذكرت هناك، ولما كانت مسألة


(١) "عمدة القاري" (١٦/ ٦٥٦).
(٢) "عمدة القاري" (١٦/ ٦٥٩).
(٣) "شرح الكرماني" (٢٥/ ١٦٨).
(٤) "لامع الدراري" (١/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>