للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ورد النهي عنه هو فعل البيع والشراء في المسجد، وأما ذكرهما وذكر ما يتعلق بهما من العلم فليس بمنهي عنه، انتهى.

قوله: (ذكرته ذلك) قال السندي (١): المشهور على الألسنة بالتشديد كأنه بناء على ما زعموا من كونه متعديًا إلى مفعولين، والمخفف لا يتعدي إليهما فجعلوه مشددًا، لكن مقتضى المشدد أنه - صلى الله عليه وسلم - كان عالمًا بالأمر قبل؛ إلا أنه نسيه أو غفل عنه فذكرته عائشة الأمر، وهذا لا معنى له ههنا، فالوجه أن يقرأ مخففًا، والحمل على الحذف والإيصال، أي: ذكرت له ذلك أو على أن ذلك بدل من الضمير والجار والمجرور محذوف، أي: له، وهذا هو الموافق للروايات، انتهى.

وهو الأوجه عندي وبسطوا في الكلام عليه لا سيما القسطلاني إذ جمع كلام الحافظ والعيني وغيرهما.

[(٧١ - باب التقاضي والملازمة في المسجد)]

قال العيني (٢): وجه مطابقة الحديث بالترجمة في التقاضي ظاهرة، وأما في الملازمة فبوجهين، أحدهما: أن كعبًا لما طالب بدينه في المسجد لازم ابن أبي حدرد إلى أن خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وفصل بينهما، وثانيهما: أن هذا الحديث يأتي في "باب الصلح" وفي "باب الملازمة"، وفيه تصريح الملازمة، انتهى مختصرًا.

قلت: قد ورد كما في "الكنز": "جنِّبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم" الحديث، فلعل الإمام البخاري أشار بالترجمة إلى جواز شيء من ذلك إذا لم يتفاحش، والله تعالى أعلم، وسيأتي في "كتاب الخصومات" "باب في الملازمة" و"باب التقاضي"، ولا يشكل التكرار؛ فإن المؤلف ذكرهما من حيث أحكام المساجد وفيما يأتي لكونهما من باب الخصومة.


(١) المصدر السابق (١/ ٩٠).
(٢) "عمدة القاري" (٣/ ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>