للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ (١): قال ابن بطال: هل المقاتلة لخلل يقع في صلاة المصلي من المرور، أو لدفع الإثم عن المار؟ الظاهر الثاني، انتهى.

وقال غيره: بل الأول أظهر؛ لأن إقبال المصلي على صلاته أولى له من الاشتغال بدفع الإثم عن غيره، وقد روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: "أن المرور بين يدي المصلي يقطع نصف صلاته"، وروى أبو نعيم عن عمر - رضي الله عنه -: "لو يعلم المصلي ما ينقص من صلاته بالمرور بين يديه ما صلى إلا إلى شيء يستره من الناس"، فهذان الأثران مقتضاهما أن الدفع لخلل يتعلق بصلاة المصلي ولا يختص بالمار، انتهى.

[(١٠٢ - باب استقبال الرجل الرجل. . .) إلخ]

قال الحافظ (٢): أي: هل يكره أو لا، أو يفرق بين ما إذا ألهاه أو لا؟ وإلى هذا التفصيل جنح المصنف وجمع بين ما ظاهره الاختلاف من الأثرين اللذين ذكرهما عن عثمان وزيد بن ثابت، ولم أره عن عثمان إلى الآن، وإنما رأيته في "مصنف عبد الرزاق" وغيره من طريق هلال عن عمر - رضي الله عنه - أنه زجر عن ذلك، وفيه [عن] عثمان ما يدل على عدم كراهيته ذلك، فليتأمل لاحتمال أن يكون فيما وقع في الأصل التصحيف، انتهى.

وتعقبه العيني (٣) إذ قال: لا يلزم من عدم رؤيته أن لا يكون منقولًا عنه، فليس بسديد زعم التصحيف بالاحتمال الناشئ عن غير دليل، انتهى.

وقال أيضًا ما ملخصه: في الحديث استقبال الرجل المرأة، فقيل: هما سواء، وقيل: لما لم ير بها بأسًا، فالرجل بالأولى، ثم قال: أكثر العلماء على كراهة الاستقبال بالوجه، انتهى.

وفي "المغني" (٤): يكره أن يصلي مستقبلًا وجه إنسان؛ لأن عمر - رضي الله عنه - أدب على ذلك، انتهى.


(١) "فتح الباري" (١/ ٥٨٤).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٥٨٧).
(٣) "عمدة القاري" (٣/ ٥٩٦).
(٤) "المغني" لابن قدامة (٣/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>